عقدت جولة من الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة حول الشئون الأفريقية. ترأسها عن الجانب المصري بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة والمصريين في الخارج، وعن الجانب الأمريكي مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشئون العربية والإفريقية، وبحضور مايكل ريجاس، نائب وزير الخارجية الأمريكي للإدارة والموارد.
وتناولت المشاورات عدة قضايا أساسية، في مقدمتها التطورات في السودان وليبيا ومنطقة البحيرات الكبرى والساحل الأفريقي والقرن الأفريقي، فضلا عن ملف الأمن المائي المصري.
وصرح السفير تميم خلف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن الجانبين أشادا بالشراكة الاستراتيجية المتميزة بين مصر والولايات المتحدة، وعمق العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ودور الشراكة باعتبارها حجر الزاوية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأعرب الطرفان عن تطلعهما لمواصلة تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتنسيق في القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأكدا أهمية الحوار الاستراتيجي باعتباره آلية مؤسسية لتبادل وجهات النظر وتعزيز التنسيق وتطوير التعاون الثنائي في كافة المجالات.
وأشاد الوزير عبد العاطي بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووصفها بأنها عامل أساسي في وقف الحرب في غزة. وأضاف أن مصر تعول على التزام الرئيس ترامب بتحقيق رؤيته لإنهاء الحروب والصراعات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أفريقيا.
وأعرب عن حرص مصر على العمل مع الإدارة الأمريكية لحل الصراعات في أنحاء القارة واستكشاف فرص التعاون في المجالات التنموية والاقتصادية والاستثمارية، خاصة في ظل دور مصر الرائد في تعزيز الاستقرار والأمن والتنمية في أفريقيا، وأذرعها التنفيذية الفعالة مثل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، ومركز القاهرة الدولي لحل النزاعات وحفظ السلام وبناء السلام. كما سلط الضوء على آفاق إقامة شراكة مصرية أمريكية ثلاثية في أفريقيا.
وبحسب المتحدث الرسمي فإن المباحثات تناولت عدة قضايا إقليمية من بينها الوضع في السودان. وأكد الوزير عبد العاطي موقف مصر الثابت الداعم لوحدة السودان واستقراره ومؤسساته الوطنية، مسلطًا الضوء على جهود مصر ضمن الآلية الرباعية بشأن السودان لتعزيز خفض التصعيد وتحقيق وقف شامل لإطلاق النار.
وشدد على أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى هدنة إنسانية ووقف كامل لإطلاق النار في عموم السودان، بما يمهد الطريق أمام عملية سياسية شاملة في البلاد. كما أكد الوزير على ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية وضمان إيصالها إلى كافة أنحاء البلاد والتنسيق مع المنظمات الإغاثية والحكومة السودانية، مؤكدا على إنشاء ممرات إنسانية كأولوية قصوى في ظل تدهور الوضع الإنساني. وأكد مجددا دعم مصر الإنساني والإغاثي المستمر للشعب السوداني.
وأدان وزير الخارجية الانتهاكات الصارخة التي حدثت مؤخراً في مدينة الفاشر، معرباً عن بالغ القلق إزاء الوضع الإنساني المأساوي، ومؤكداً ضرورة وضع حد لهذه الانتهاكات الجسيمة.
وفيما يتعلق بليبيا، جدد الوزير عبد العاطي موقف مصر الثابت بشأن ضرورة الحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها، ورفض أي تدخل أجنبي أو وجود عسكري على الأراضي الليبية. وشدد على أهمية التوصل إلى حل شامل يملكه الليبيون ويلبي تطلعات الشعب الليبي ويحفظ سيادته.
وشدد على ضرورة دفع العملية السياسية في ليبيا إلى الأمام وصولا إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة في أقرب فرصة وانسحاب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة لتحقيق الاستقرار.
كما تناول الحوار التطورات في منطقة البحيرات الكبرى، حيث عرض الوزير عبد العاطي رؤية مصر لدعم جهود السلام والاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مشددًا على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراعات وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لاستدامة السلام في المنطقة.
وفي هذا السياق، أعرب عن التزام مصر بدعم الجهود الأمريكية لإنهاء الحرب في شرق الكونغو، واستعدادها لتقديم الخبرات للمساعدة في تنفيذ اتفاق واشنطن للسلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا (يونيو 2025) وإعلان الدوحة.
وأكد مجددا استعداد مصر للمشاركة بفعالية في ترتيبات بناء الثقة في إطار الاتحاد الأفريقي، نظرا لقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لجهود إعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد الصراع في أفريقيا.
وفيما يتعلق بمنطقة الساحل الأفريقي، أكد الوزير عبد العاطي على ضرورة اتباع نهج شامل لمواجهة انتشار الإرهاب عبر أفريقيا، حفاظا على وحدة وموارد الدول الأفريقية. ودعا إلى تعاون وتنسيق دولي فعال لمواجهة هذا التهديد المتنامي، مسلطا الضوء على أهمية العمل في مسارات متوازية ــ ليس فقط الأمنية والعسكرية، بل أيضا التنموية والفكرية والاجتماعية ــ لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف والإرهاب.
وشدد كذلك على أهمية التشاور المستمر مع الدول المانحة لتشجيعها على مواصلة البرامج التنموية والإنسانية في منطقة الساحل.
وأشار إلى نتائج جولته الأخيرة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا (نهاية يوليو) ونتائج المائدة المستديرة المغلقة التي استضافتها مصر على هامش منتدى أسوان الخامس للسلام والتنمية المستدامة (19-20 أكتوبر) والتي ركزت على دعم جهود بناء السلام والتنمية في المنطقة.
كما ناقش الحوار تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، حيث جدد الوزير عبد العاطي رفض مصر للسياسات المزعزعة للاستقرار، مؤكدا دعم مصر لجهود الأمن والاستقرار والتنمية بالمنطقة، واحترام السيادة والسلامة الإقليمية، وحل النزاعات بالوسائل السلمية من خلال الحوار.
كما أبرز أهمية بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) في القيام بدورها في مكافحة الإرهاب ودعم الاستقرار، مشددا على ضرورة الحفاظ على الإنجازات الأمنية التي تحققت حتى الآن والبناء عليها.
وفيما يتعلق بالأمن المائي، أكد الوزير عبد العاطي أن نهر النيل هو شريان الحياة للشعب المصري، وأن مصر ملتزمة دائمًا بالتعاون مع دول حوض النيل من أجل المنفعة المتبادلة. وشدد على أهمية التعاون بموجب القانون الدولي، وخاصة مبادئ عدم الضرر، والإخطار المسبق، والتشاور والتوافق، لحماية مصالح جميع دول الحوض. وأكد مجددا رفض مصر القاطع للإجراءات الأحادية التي تتعارض مع القانون الدولي في حوض النيل الشرقي.
وأشار إلى أن مصر تتابع التطورات عن كثب وستتخذ كافة الإجراءات المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لحماية أمنها المائي.
وأعرب مسعد بولس عن تقديره العميق للعلاقات الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة، مشيدًا بدور مصر المحوري في تعزيز الأمن والاستقرار في أفريقيا والشرق الأوسط، وجهودها المستمرة لحل النزاعات وتعزيز التنمية الإقليمية.
وأكد مجددًا التزام الجانب الأمريكي بمواصلة التنسيق مع مصر لتعزيز المصالح المشتركة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين البلدين. (مينا)
