قال مساعد في الكرملين، في وقت مبكر من اليوم الأربعاء، إن المحادثات التي استمرت خمس ساعات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المفاوضين الأمريكيين لم تسفر عن انفراجة بشأن اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا.
جلس المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر لإجراء محادثات رفيعة المستوى مع بوتين في الكرملين يوم الثلاثاء، تتويجًا لأسبوع من الدبلوماسية المكثفة حيث تواصل إدارة ترامب مساعيها لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا.
وقال مستشار السياسة الخارجية الروسية ومساعد بوتين، يوري أوشاكوف، للصحفيين بعد الاجتماع، إن المحادثات في العاصمة الروسية كانت “مفيدة للغاية وبناءة وموضوعية للغاية”، لكن “لم يتم التوصل إلى خيار تسوية”.
وقال أوشاكوف: “تبدو بعض المقترحات الأميركية مقبولة إلى حد ما، رغم أنها بحاجة إلى المناقشة”، مضيفاً أن نقاطاً أخرى “لا تناسبنا”.
وأضاف: “سيستمر العمل”.
ومن بين النقاط الشائكة السابقة مطالبة الكرملين أوكرانيا بالتخلي رسميا عن طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، واستسلام أوكرانيا للأراضي في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا التي ضمتها روسيا، ولكن لم تحتلها بعد.
ولم يعلق الجانب الأمريكي علنًا بعد على المحادثات، لكن قبل الاجتماع كانت الولايات المتحدة “متفائلة للغاية” بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف، وفقًا للسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت.
وقال أوشاكوف إنه لم يتم تحديد موعد لعقد اجتماع بين بوتين وترامب، وأن اللقاء المرتقب وجهًا لوجه “يعتمد على التقدم الذي يمكننا تحقيقه”.
وقد واصل المسؤولون الأوكرانيون رفض مطالب روسيا المتطرفة، والتي يواصل الكرملين اعتبارها خطوطاً حمراء.
وقال أوشاكوف إن بوتين والوفد الأمريكي ناقشا القضايا الإقليمية في اجتماعهما، “والتي بدونها لا نرى حلاً للأزمة”.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه يتوقع التواصل مع فريق التفاوض الأمريكي مباشرة بعد محادثاتهم مع بوتين، وإنه “ينتظر إشارات” من الوفد بشأن نتيجة الاجتماع.
وقال زيلينسكي قبل المحادثات: “سوف نتلقى إشارات معينة، وإذا نجحت الإشارات – إذا كانت لعبة عادلة مع شركائنا – فربما سنلتقي بالوفد الأمريكي قريبًا جدًا”.
وقال الزعيم الأوكراني إنه سيتم إرسال وفد رفيع المستوى إذا كانت الرسائل من الأميركيين تشير إلى فرصة لاتخاذ “قرارات عالمية ولكن سريعة”.
وقبل ساعات من الاجتماع، أصدر بوتين تحذيرا مفاده أن روسيا، رغم أنها لا تخطط لخوض حرب مع أوروبا، فإنها “مستعدة” للرد إذا بدأت أوروبا حربا.
وفي وقت سابق، كان بوتين قد اتهم الزعماء الأوروبيين بمحاولة عرقلة اتفاق السلام الذي اقترحته الولايات المتحدة من خلال “طرح مطالب غير مقبولة على الإطلاق بالنسبة لروسيا”، وأشار إلى أن حلفاء أوكرانيا الأوروبيين “يقفون إلى جانب الحرب”.
وأضاف: “إنهم أنفسهم رفضوا مفاوضات السلام ويتدخلون في شؤون الرئيس ترامب”.
وفي حين أن بوتين لم يشرح تفكيره بالتفصيل، فإنه كان يشير على الأرجح إلى التغييرات التي قيل إنها أُدخلت على خطة السلام الأصلية المكونة من 28 نقطة التي اقترحها ترامب، والتي طرحتها الولايات المتحدة الشهر الماضي ورفضتها أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون.
وأدى اجتماع لاحق في جنيف بين الوفدين الأوكراني والأمريكي إلى إدخال تغييرات على المسودة، مما جعلها أكثر قبولا لدى كييف.
ولكن قبل ساعات قليلة من المحادثات الرئيسية، أكد الكرملين موقفه بأن أي اتفاق سلام لابد أن يحل ما وصفه بـ “الأسباب الأولية” أو “الأسباب الكامنة” وراء غزوه ــ وهي اختصار لقائمة طويلة من المطالب التي تضمنت وقف توسع حلف شمال الأطلسي، والاعتراف بسيطرة روسيا المزعومة على المناطق الأوكرانية المحتلة والنهاية الفعلية لأوكرانيا كدولة ذات سيادة.
صرح مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي للصحفيين أنهم لا يرون أي مؤشر على أن موسكو مستعدة لتقديم “تنازلات ذات معنى” لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال المسؤول إن روسيا متمسكة بمطالبها الإقليمية وستظل “تهدف إلى ضمان إضعاف القدرات العسكرية لأوكرانيا قدر الإمكان لتمهيد الطريق لمزيد من العدوان”.
وجاء الاجتماع بين بوتين والولايات المتحدة حيث التقى مسؤولون أمريكيون ووفد أوكراني في ميامي يوم الأحد لإجراء محادثات وصفها وزير الخارجية ماركو روبيو بأنها “مثمرة للغاية”، رغم أنه حذر من أنه لا يزال هناك المزيد من العمل.
ويمكن رؤية ويتكوف وكوشنر، الذي لا يشغل منصبًا رسميًا في الحكومة الأمريكية ولكنه عاد للظهور كشخصية رئيسية في الجهود الدبلوماسية للإدارة، وهما يتجولان في الميدان الأحمر بموسكو مع ممثل الكرملين كيريل دميترييف قبل اجتماعهما، وفقًا للقطات التي نشرتها وكالة الأنباء الروسية المملوكة للدولة تاس.
وفي وقت سابق، تناول ويتكوف ودميترييف الغداء في أحد مطاعم موسكو الحائزة على نجمة ميشلان، حيث تناولا العشاء على الكافيار والسمان ولحم الغزال وسرطان البحر، حسبما قال مدير المطعم، مكسيم رومانتسيف، لصحيفة إزفستيا الروسية.
